الاثنين، 19 مارس 2018

ادفع المال إن كنت تريد الزيارات من فيس بوك

خوارزمية فيس بوك 2018 المعلن عنها بداية الشهر الماضي دخلت حيز التنفيذ، وبالطبع لاحظ الكثير من أصحاب الصفحات والناشرين بمن فيهم الكبار تراجع الوصول المجاني لمنشوراتهم ما انعكس سلبا على التفاعل وبقية النتائج بما فيها الزيارات التي يتم جلبها من هذه المنصة.
وليس خفيا على أحد أن المواقع الإلكترونية الإخبارية والمنتديات والمدونات ومواقع المحتوى الأخرى إضافة إلى المتاجر الإلكترونية وأصحاب المحتوى على يوتيوب ومنصات أخرى يستخدمون فيس بوك لجلب الزيارات والقراءات والمشاهدات وبالتالي المبيعات والعائدات والأرباح.
فيس بوك الذي يعاني بسبب الهجوم الإعلامي عليه واتهامه في الولايات المتحدة الأمريكية بعرقلة الديمقراطية، يبحث عن حل لمشكلة الأخبار المزيفة.
وبالطبع نحن نعلم أن عددا من الصفحات العامة كانت مصدرا لهذه المحتويات وأيضا منشورات خطاب الكراهية، لكن أيضا ساهمت الصفحات الشخصية بقوة في هذه الفوضى.
خوارزمية فيس بوك 2018 تقول ببساطة أن الأولوية ستعطى للمنشورات الشخصية من الأقرباء والأصدقاء، وأنها ستعمل على عرض أقل للمنشورات من الصفحات العامة.
بالتالي فإن أغلبية المتابعين والمعجبين لهذه الصفحات لن يتوصلوا بالتحديثات الجديدة ولن تظهر لهم منشورات الصفحات العامة ما دام هناك محتوى من الصفحات الشخصية والمجموعات التي اكتسبت هي الأخرى أهمية كبرى مؤخرا.
ومن البداية توقع المراقبين تراجع الوصول المجاني لمنشورات الصفحات العامة وأن فيس بوك بهذه الخطوة كأنه يحاول أن يقتل بشكل نهائي هذه الصفحات التي لطالما شجع على إنشائها، واستقطب الناشرين الكبار والشركات للتواجد على منصته وتسخير تلك الصفحات للتسويق لأعمالهم.

  • الحل هو استثمار المال في إعلانات فيس بوك ولكن

مع دخول هذه الخوارزمية حيز التنفيذ وتراجع النتائج التي تحققها الصفحات العامة، سارع كبار الناشرين ووسائل الإعلام وحتى عدد من الشركات والمتاجر الإلكترونية للاستثمار بشكل متزايد في الإعلانات.
حاليا أصبح من الطبيعي بالنسبة لهذه الأطراف أن يتم إنشاء إعلانات يوميا للمنشورات الجديدة ومتابعة النتائج والعمل على التقليل من تكاليف الحملة الإعلانية.
هذا الحل السهل نظريا يصطدم مع اكراهات بالنسبة للناشرين، أولها أن قطاع عريض من المدونين لا يربحون كثيرا من مدوناتهم أو أن مشاريعهم لا تزال في بدايتها، بالتالي ليس لديهم اي دافع للاستثمار في إعلانات فيس بوك، وما يحدث الآن هو قتل واضح لهم على هذه المنصة.
من جهة أخرى فإن المنافسة القوية على الإعلانات وسباق الناشرين الكبار لإنفاق المزيد من الأموال من أجل الحفاظ على وثيرة الزيارات الكبيرة تصطدم هي الأخرى بتزايد تكلفة النقرة أو الزيارة وكذلك صعوبة الحصول على نتائج جيدة بالنسبة للميزانيات المحدودة.
العام الماضي ارتفعت تكلفة النقرة بنسبة 16 في المئة على أساس سنوي لتواصل سلسلة الارتفاعات منذ السنوات الماضية.
ارتفاع التكاليف الإعلانية على هذه المنصة من شأنه أن يعيق الناشرين بشكل عام ، وهو ضربة مدمرة للناشرين الجدد.
رغم أنه يقال بأن نشر المزيد من الفيديو من شأنه أن يحسن من التفاعل، لكن من خلال التجارب التي أجريت فهذا غير صحيح، وحتى الفيديو يحتاج منك إلى الترويج المدفوع له كي يحقق نتائج جيدة.

  • الزيارات المجانية تتضاءل على فيس بوك

تريد الشركة الأمريكية استغلال أزمتها في الرفع من العائدات ويبدو أن قمع منشورات الصفحات العامة والتقليل من أهميتها يخدم هذا الهدف.
تدرك فيس بوك أن الناشرين والمتاجر الإلكترونية ومختلف الأعمال تحتاج إلى جلب الزيارات منه، وأنه بالضغط على صفحاتهم والتقليل من الوصول المجاني سيدفعهم ذلك إلى تخصيص ميزانيات أكبر للإعلانات وبالطبع هي الرابح الأكبر من كل هذا.
الإقبال على الإعلانات سيزداد وكما قفز الإنفاق على الترويج للمحتوى من 3.6 مليار دولار عام 2016 إلى 5 مليارات دولار عام 2017 فسنشهد قفزة كبيرة وربما اذا استمر الحال على ما عليه سيصل الإنفاق إلى رقم هائل وغير متوقع.
بالطبع ماذا يعني هذا؟ منافسة قوية على الإعلانات وتزايد أسعار التفاعل والنقرات والزيارات ما ينعكس ايجابا على أرباح فيس بوك وعائداتها، وهو خبر سار للغاية بالنسبة للمستثمرين.

  • لكن النتائج الوردية غير مضمونة

أجزم أن فيس بوك فكرت بالطريقة التي تطرقت إليها منذ قليل، لكن على ما يبدو لم تفكر في شيء مهم، ألا وهو بقاء الناشرين على منصتها.
ما الذي يضمن في ظل هذا الواقع المؤلم للناشرين وأصحاب الأعمال على منصتها الاستمرار؟ ألا يعني فعلا قمع منشوراتهم والتقليل من ظهورها للمستخدمين أنها بذلك تفتح الباب لهؤلاء بالانسحاب والتركيز على منصات منافسة مثل تويتر.
الحقيقة أن الكثير من الناشرين قد اتجهوا فعلا إلى تويتر ومنصات أخرى وأيضا الاستثمار في جلب الزيارات من جوجل ومحركات البحث، بعد أن تأكد لهم أن الاعتماد على فيس بوك هي مخاطرة كبيرة.
صحيح أنه لا تزال الصفحات نشيطة وتنشر منشورات كثيرة يوميا، لكن إذا استمر الحال على ما هو عليه، فقد تخسر فيس بوك الناشرين وأصحاب الأعمال التجارية.
هذا الرحيل سيصبح واضحا عندما يكتشف الناشرين أن ما ينفقونه على الزيارات من فيس بوك مجرد استنزاف ولا يعود عليهم بأرباح.
منذ سنوات كانت إعلانات فيس بوك جيدة للتسويق بالعمولة، وكان المسوقين المحترفين يستخدمون المنصة لهذا الغرض، لكن حاليا مع ارتفاع تكلفة النقر أصبحوا يستخدمونها لأنشطة محدودة، وذهبوا إلى منصات أخرى، هذا يمكن أن يحدث مع الناشرين وسيكون له أثر سلبي على الناحية المالية لهذه المؤسسة.

  • على الناشرين التنويع في مصادر الزيارات

خطأ كبير أن تعتمد على فيس بوك لوحده في جلب الزيارات وبناء جمهور، يجب أن لا تضع بيضك كله في سلة واحدة.
هناك منصات كثيرة يمكنك النجاح عليها، بداية من محرك بحث جوجل إلى بينج وبقية محركات البحث إلى فيس بوك مع تويتر وأيضا جوجل بلس و بنترست إضافة إلى انستقرام وحتى باستخدام قنوات تيليجرام والمجموعات.
وبالطبع عليك بناء القائمة البريدية التي تمكنك من مراسلة المشتركين وإرسال أحدث المقالات والعروض والمنتجات لهم.
الاعتماد بشكل كبير على مصدر معين يؤدي إلى حالة انهيار في حالة حدوث شيء معين لذلك المصدر، وأعتقد أن من يعتمدون على الزيارات المجانية من فيس بوك بشكل أساسي سيعانون من هذه المشكلة بالوقت الحالي.

  • وضع دائم أم مؤقت؟

يتساءل البعض هل الوضع الحالي والخوارزمية الجديدة ستستمر دائما؟ لا أحد يعرف الإجابة عن هذا السؤال بالوقت الحالي.
لكن الواقع يقول أن خوارزمية فيس بوك قابلة دائما للتغير والتعديل والتطوير، والشركة تتابع تأثيرات التغييرات الجديدة على التفاعل وبقاء المستخدمين وتجربتهم.
إذا لاحظت الشركة بأن الكثير من المستخدمين يفضلون ظهور منشورات الصفحات لعامة أكثر من منشورات الأصدقاء فليس مستبعدا أن تعود المعادلة لما كانت عليه في السابق بصياغة جيدة.
كما تراقب الشركة تأثير تغييراتها الجديدة على مكافحة الأخبار المزيفة وكذلك على نتائجها المالية والأرباح التي يمكن أن تحققها.

حاليا إذا كنت تريد الكثير من الزيارات من فيس بوك، ما عليك إلا أن تدفع أولا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق